القائمة الرئيسية

الصفحات

ومنهم من قضى عمره في الأسر.. الأسير القائد محمد مرداوي


بقلم الأسير هيثم جابر

إعلام الضفة 17-8-2022م


تمر عشرات السنوات مروراً صعباً وأليماً على رجال مؤمنين، منهم من قضى عمره في الأسر، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً. 


إنه القائد محمد عدنان مرداوي، يودع عاماً جديداً في الأسر ويستقبل اَخر، فقد افتتح هذه السنوات الطوال وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، قائداً لمجموعة جهادية تحت قيادة الشهيد القائد الفذ إياد حردان. تلك المجموعة التي أخذت على عاتقها تحقيق المستحيل، والتجول في أرض الوطن شرقاً وغرباً لإيلام العدو وقطعان مستوطنيه. 


يودع اليوم البطل محمد مرداوي ثلاثة وعشرين عاماً داخل الأسر، أكلت عمره وزهرة شبابه، ليستقبل عاماً جديداً، منهك القوى نتيجة الأمراض التي داهمت ذلك الجسد الصلب، الذي شهدت له غرف التحقيق والزنازين المظلمة. فقد عرفناه أخاً ودوداً ومضحياً مثابراً ومعطاءً، قمةً في الأدب والأخلاق، يودع هذه السنوات الثقال في الأسر على أمل جديد بحرية قريبة. 


لقد خاض معركته داخل الأسر كما خاضها خارجه، فيما كان رفاقه وإخوانه المجاهدين يكملون المعركة، ويطاردون العدو في كل مكان، ويبقون جذوة الصراع مشتعلة كما هي وصية الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، ليصعد الفارس تلو الفارس، فكان أول الصاعدين أنور حمران وتبعه إياد حردان، واستمرت القافلة وامتدت السنوات والقائد محمد ينتظر، روحه تنتظر شغف الحرية والحلم بها، وجسده منهك أقرب ما يكون إلى قبر الموت بعد قبر الحياة الذي يسكنه لثلاثة وعشرين عاماً، ولا معنى لحرية بعد الموت!. 


هنا في الأسر كل شيء مختلف، الحياة لا تشبه الحياة، لها طعم الموت، والروتين والنظام والقانون يجتاحها الصدأ، فنحن نخاف من التغيير لأننا اعتدنا الروتين والسكون، والحياة تعني الحركة، والديناميكية التي لا تتوقف ضجيجها، بالأطفال الذين يلعبون في الشارع، ويزلزلون أركان البيت، وسيارات ذاهبة وأخرى آتية، وامرأة تعد القهوة لزوجها، وترتدي له كل زينتها الغاوية، وشمس تراقص نسمات الصباح هذه هي الحياة. 


كل شيء مختلف، كل شيء بطعم الموت والمنفى والمرض والقهر، حتى الأكل لا يشبه الأكل، والهواء لا يشبه الهواء، نودع السنوات في إثر السنوات، والانتظار سيد الموقف، وحده يبقى حياً لا يموت ويظل يتجدد مع كل طلعة صباح على أمل اَخر يولد من أمل سابق ليوم لاحق، لعل حرية طائشة تداهمنا وتحيلنا إلى أحرار يصارعون حياة الحياة، غير تلك التي خلف القضبان.


محمد رغم مرضه وحده لا يزال يصارع موج البحر بجدف ويجدف لعله يصل يوماً إلى شاطئ الحياة والحرية المليء بالضجيج والتعب والحركة.

تعليقات