القائمة الرئيسية

الصفحات

الذكرى التاسعة عشر لاستشهاد القائد المهندس محمد سدر

إعلام الضفة 14-8-2022م

أسد الخليل ومهندس الجهاد

من أرض خليل الرحمن وجوار الحرم الإبراهيمي، كان ميلاد الفارس محمد أيوب سدر في الرابع عشر من يناير عام 1978م، وسط عائلة كريمة من عوائل فلسطين التي أعطت ولم تنتظر الجزاء.


سلك طريقه متعلماً، وأنهى الثانوية العامة بامتياز، ليلتحق بجامعة "البوليتكنك" لدراسة الهندسة الميكانيكية عام 1997م، وبرز دوره في أنشطة الحركة الطلابية حين انتخب عضواً في مجلس اتحاد الطلبة عن الجماعة الإسلامية، والذي أهله لنسج علاقات واسعة سخرها لنشاطه العسكري وتأسيس الخلايا الجهادية.


استهدفت قوات الاحتلال جامعة "بوليتكنك فلسطين"، عام 1999م، بحملة اعتقالات واسعة، ليحكم عليه بالسجن قبل أن يتحرر في نيسان عام 2000م.


اتخذ من محنة السجن منحة لبناء الذات معرفياً ودينياً ونفسياً، والبدء منذ اللحظة الأولى عقب تحرره بتشكيل خليةٍ عسكريةٍ لسرايا القدس، فكانت أولى مجموعاته في قرية بيت عوا، بالتزامن مع تكليفه بالمسؤولية الميدانية لحركة الجهاد الإسلامي في محافظة الخليل، مؤمناً بضرورة استمرار جذوة الصراع مع العدو دون منحة فرصة الأمن والاستقرار. 


بدأ باكورة جهاده بقتل ثلاثة صهاينة وجرح آخرين في مستوطنة "خارصينا"، برفقة الأسير المجاهد أسامة إسعيد تلاها اشتباكٌ مسلحٌ خاضه مع الشهيد القائد عبد الرحيم تلاحمة قرب دورا بالخليل.


الدور المميز والريادي للقائد محمد سدر جعله عرضة لمحاولات الاغتيال التي كان أبرزها في العاشر من ديسمبر عام 2001م، حين استهدفت صواريخ الأباتشي السيارة التي كان يستقلها في مدينة الخليل، حيث أصيب بجروح. وبينما كان العدو يحاول الوصول إليه، اعتقله جهاز الأمن الوقائي بعد محاولة اغتياله مباشرةً، وخضع للتحقيق القاسي في زنازين المقاطعة، وأمضى شهرين قبل أن يفرج عنه تحت ضغط أهالي المعتقلين السياسيين.


كانت روحه التواقة للقتال، قد مهدت الطريق لمنع استقرار العدو على أرضنا، فكانت قناعته بضرورة المواجهة وحشد كل الطاقات المجاهدة، بهدف استمرار العمل العسكري دون أي توقف رغم قلة الإمكانيات وعِظَم التضحيات.


في التاسع من نوفمبر 2002م، كان اغتيال القائد المهندس إياد صوالحة، فاتخذ القرار بأن يكون يوم الجمعة 15-11-2002م، يوم العملية المنتظرة في "حارة النصارى"، حيث جهز القائد محمد سدر برفقة الأسيرين القائدين محمد عمران ونور جابر الاستشهاديين الثلاثة ولاء سرور وأكرم الهنيني وذياب المحتسب، الذين دربهم على يديه وهيأهم للملحمة الكبرى ولاء سرور وذياب المحتسب وأكرم الهنيني. واكتملت حلقة الموت على قائد الخليل العسكري "دورو فاينرغ" و13 جندياً وضابطاً صهيونياً، وخرج الأمين العام الراحل رمضان شلح يعلن البشارة ببلاغ من القائد العسكري فيما لا يزال الاشتباك مستمراً.


أصبح قائد سرايا القدس في جنوب الضفة على رأس القائمة للاغتيال لوقوفه خلف سلسلة من العمليات البطولية التي أرعبت جنود الاحتلال ومستوطنيه ومن أبرزها عملية "عتنائيل" البطولية التي نفذها الاستشهاديان أحمد الفقيه ومحمد شاهين في 26-12-2002م، وأدت لمقتل 6 صهاينة وإصابة اَخرين، وعملية التلة الفرنسية التي نفذها الاستشهادي حاتم الشويكي في 4-11-2001م، وأدت لمقتل وإصابة عشرات الصهاينة.


لم يتراجع القائد "أبو أيوب"، عن طريقه الذي اختاره، ونهجه الذي اَمن به، رغم الحياة التي كانت متاحة له، إلا أنه اختار الحياة الأجمل. وفي الرابع عشر من أغسطس عام 2003م، كانت محطته الأخيرة بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال التي حاصرت مكان رباطه في "منطقة شعابة"، حيث بقي قابضاً على سلاحه بقوة إيمانه وجهاده، رافضاً كل دعاوى الاستسلام، حتى اضطر العدو لضرب المكان بالصواريخ، وأكمل جريمته باحتجاز جثمانه 9 سنوات.


وفي 31 مايو 2012م، ودعت الخليل ابنها البار وأسدها الهصور إلى جانب ثلاثة من أبرز فرسانها ذياب الشويكي وعبد الرحيم تلاحمة وأحمد أبو دوش، الذين صنعوا مجداً لا ينسى، وعهداً على الأيام ألا تهزم فالنصر ينبت حيث يرويه الدم.


ومضى محمد أمير السرايا، سدراً شامخاً مخضراً يعطّرُ جبال الخليل، وفارساً استثنائياً لم يغمد سيفه في الجنوب.

تعليقات